محاولة لفهم الشخصية الكردية

تاريخ النشر: الأحد 05-01-2025



التعاطي مع الكرد ما زال يكتنفه الكثير من الجهل والعقد النفسية، والمساس بهذا الملف أشبه بالقرب من المصاب بمرض الإيدز حيث سيفقد بسبب مسه هذا الجانب كل أنواع الحماية وسيكون عرضة للاستهداف بأي خلل نفسي وفكري وربما الموت السريع والقياسي.
يرى الكرد أن دمهم كان الأرخص في الثورة السورية، حيث إنهم تعرضوا لهجوم من بعض الفصائل الثورية السورية ذات الطابع الإسلامي، وتنكر لهم الكثير من الدول العربية الصديقة للثورة السورية، كما يطالب الكثير من السوريين الكرد بأن يتخلوا عن قوميتهم والارتباط بالجسد السوري إما تحت شعار الإسلام أو السورية.

يوجد الكثير من الأكراد مجردين من الجنسية، وأطلق عليهم وصف مكتوم القيد وهو مصطلح إداري سوري يشير إلى عدم وجود الشخص المعني في السجلات الرسمية

لا يعلم الكثيرون أن الكرد على حساسية كبيرة -بسبب الاضطهاد- من أي فكرة تمس قوميتهم، وحريتهم في التعبير عنها، وتعرضوا في سوريا إلى عذاب كبير لم يصب به أغلب أهل سوريا، وإلى أذى غير مسبوق لا يحس بطعمه إلا من ذاقه.
حيث منح البعض الجنسية السورية قبل الثورة، كما تم تجريد الكثير من الكرد من الجنسية وتم تسجليهم في القيود الرسمية على أنهم أجانب، كما يوجد أكراد مجردون من الجنسية غير مقيدين في سجلات الأحوال المدنية الرسمية، وأطلق عليهم وصف مكتوم القيد، وهو مصطلح إداري سوري يشير إلى عدم وجود الشخص المعني في السجلات الرسمية.
كما أن الكرد لا تطربهم فكرة الارتباط الديني بديلا عن الرابطة القومية، والكثيرون من السوريين صنفوا الكرد ملحدين وجردوهم من دينهم بسبب ميل شرائح واسعة منهم لصالح قوات الحماية أو (pyd) الموسومة بالكفر والإلحاد، كما تم توجيه الكثير من الإهانات المتتالية للكرد وعلى لسان كبار المعارضة ووصفهم بالقرباط والبويجية.
وكان آخر فنون خصوم الكرد أيضا استحقار أي زعامة كردية، وسحب كردية صلاح الدين الأيوبي والقول بعروبته، والاتهام بأنهم انفصاليون مع أن السيد صالح مسلم قال في أحد حواراته: السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة سوريا هو الفدرالية أو اللامركزية.

وأوضح أن “الفدرالية تناقَش مع كافة الكيانات في سوريا، ولو كانت مشروعا انفصاليا لكنا سنبحثه في ما بيننا”، مضيفا أن “معارضي اللامركزية هم معارضو وحدة سوريا، وليست هناك معادلة أخرى، إما لامركزية سوريا وإما فدراليتها”.
هذه المعطيات جعلت الكرد يقفون في حالة متأزمة وفي وعي متصلب يرفض أي تعاون ويتهم الطرف الآخر بأنه خصمه المؤكد.

يعيش السوريون في أغلبهم بالداخل الاستبداد والفساد، وفي الخارج الاستضعاف والاستتباع، وهذا ما أثمر الكثير من الاصطفافات ذات طابع التخلف السياسي

لم تقم أي جهة بمصالحات بين الجانبين بل بالعكس غاب عن كثير من السوريين أن فخ النظام وقع في شركه الكرد والعرب، وأن سياسة التركيع والتطويع تعتمد على فرق تسد، وأن توحيش أي طرف لا يفيد إلا النظام، وأن مدافع المقاومة تسكت مدافع العدو، وأقلام المقاومة تسكت أقلام العملاء ولذلك ينبغي أن يكون الصف واحدا ضد خصم واحد.
يعيش السوريون في أغلبهم بالداخل الاستبداد والفساد، وفي الخارج الاستضعاف والاستتباع، وهذا أثمر الكثير من الاصطفافات التي تحمل طابع التخلف السياسي والتفسير الحدي للدين، وممارسة دور التخوين الذي مارسه النظام على خصومه ودور الاستهداف أيضا.
التناسب طردي مع الظلم والطغيان فكلما وجد الظلم وجد الطغيان.
نحن -السوريين- ليست لنا نية محاربة مكوناتنا المجتمعية بل قام الشعب ليصلح قيمه في الحرية ويؤنسن مجتمعه، ويعمل على بناء دولة المواطنة ونعد سوريا لكل السوريين لكن هل بقي هذا الحلم كما هو، فقيم الحرية والملكية الفردية والعمل المنتج والمواطنة قيم نؤمن بأنها شرط للسلم الأهلي.
لكننا نضيف قيم الخير المجتمعي أخوة وحرية وكرامة وعدلا ولا نعتبر هذه القيم عائقا أمام الحرية بل هي شرطها إذا لم تكن للبعض على الكل ضد كرامة أي إنسان.
لقد بلغ الظلم عندنا سناما يؤدي إلى الانفجار حتما، فقد أوجدوا مافيات من جنس أبناء الثورة ليفسدوا ثورتنا ويبرروا تدخلاتهم التي نرى.. يتبع.

جميع الحقوق محفوظة لملكية الدكتور علاء الدين آل رشي