"أن تكتب عن العلامة البوطي ليس أمراً سهلاً، فأنت لا تقف أمام شخص عادي، فهو سبيلٌ لظاهرة تخبوية اجتماعية تستحق التحقيق والتحليل. الكتابة عن الشيخ البوطي بعد الحراك السوري دون تقليلٍ أو تقديس أشبه بالسير في حقلٍ تملؤه الألغام والمخاطر. أن تكتب عن البوطي فأنت تقرأ استعداء العاطفة الشعبية واستفزاز العقل الجماهيري! لكن لا شكَّ أنها خيانة اجتماعية وثقافية إن يخضع العقل لإرهاب الجمهور. فهنا إرهاب فكري لا يقل خطورة عن إخضاع عقول المثقفين الاجتماعيين لإرهاب السلطة السياسية. لذا لا مناص أخلاقياً من المدارسة والوقوف مع العقل والعلامة البوطي ليس بقصد التبرير أو التبرئة، بل اندفاع الاختيار لشخص بذاته، بل يهدف الاختيار للمجتمع والذات الحضارية وإنقاذ العقل الجماهيري من تخبط الفكر وأوهامه. وأرقى الخلط ما بين الفكرة والشخص أو الشخص والمبدأ: فإن الرأي العام لم يتعامل مع الشيخ البوطي كحالةٍ فكرانية، بل تعامل معه كرمز من رموز الدين الإسلامي، وهو كفكرة فإنه يتأرجح في وعيه وخلطه ما بينه وبين ذاته. وهذا ما يحاول الفاعل الإعلامي السياسي للسلطة المنفذة أن يسوقه."